من صنعاء إلى كل الساحات اليمنية الحرة .. استنفار مليوني غاضب دفاعاً عن القرآن ورفضاً لجرائم العدو الصهيوني

في مشهدٍ مليوني غير مسبوق، اكتظّت ساحات صنعاء وكل المحافظات الحرة بمسيرات مليونية غاضبة، عبّرت عن انفجار الغضب اليمني دفاعاً عن القرآن الكريم ونصرةً لـفلسطين، في رسالة مدوّية تجاوز صداها الجغرافيا لتخاطب العالم بأسره، خرجت الجماهير تحت شعار ’’نفير واستنفار نصرةً للقرآن وفلسطين’’ ، لتؤكد أن المساس بالمقدسات ليس فعلاً عابراً، بل جزء من حرب شاملة تستهدف هوية الأمة وعقيدتها، وأن العدوان على غزة لا ينفصل عن حملات الإساءة الممنهجة للإسلام.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

 

بيان المسيرات رسم ملامح موقف صريح لا يقبل المواربة، ثباتٌ إيماني في التمسك بالقرآن، تحميلٌ مباشر لأمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني مسؤولية الإساءات والجرائم، تجديدٌ للعهد في مساندة الشعب الفلسطيني والاستعداد لمراحل قادمة من المواجهة، وإدانةٌ حادة لصفقة الغاز بين مصر والكيان باعتبارها مكافأة للعدوان، إلى جانب دعوة واضحة للمقاطعة الاقتصادية كسلاح شعبي في وجه الهيمنة، موقف عظيم ومهيب يعكس غضب الشارع، ويقدم الرسائل القوية، ويكشف أبعاداً خطيرة على كل المستويات في لحظة مفصلية من تاريخ الصراع مع العدو .

 

القرآن الكريم في صدارة الخطاب

افتتح البيان بالتأكيد على التمسك المطلق بالقرآن الكريم ورفض أي إساءة أو استهداف له، في رسالة واضحة تعكس مركزية البعد الديني في الموقف الشعبي العارم والغاضب، واعتبرت الملايين من اليمنيين أن ما يتعرض له المصحف الشريف لا يمكن فصله عن سياق سياسي وثقافي أوسع، يرونه موجهاً ضد الهوية الإسلامية وقيمها، وليس مجرد حوادث فردية أو معزولة.

هذا الطرح يعكس توجهاً يرى في الدفاع عن القرآن قضية جامعة تتجاوز الحدود الجغرافية والانتماءات السياسية، وتُستخدم كأداة تعبئة قادرة على استنهاض الشارع الإسلامي في ظل حالة الغضب المتصاعدة.

 

الإساءة للقرآن الكريم ضمن حرب العدو الشاملة ضد الإسلام والمسلمين

اللافت في البيان هو توصيفه حملات الإساءة بأنها جزء من الحرب الصهيونية الشاملة، وهو توصيف يحمّل هذه الأفعال أبعاداً استراتيجية، لا ثقافية فحسب،  واستهداف المقدسات يُدرج ضمن أدوات الصراع، إلى جانب الحصار والعدوان العسكري والإعلامي.

ويأتي هذا الطرح في سياق خطاب سياسي يربط بين المعركة على الأرض في فلسطين، والمعركة على الوعي والمقدسات الدينية، بما يعكس رؤية شمولية للصراع.

وحمّل البيان الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني مسؤولية الإساءات المتكررة، معتبراً أنها تعكس حقداً وعداوةً للإسلام والمسلمين، كون هذه الأطراف هي الداعم الرئيسي لسياسات العدو الصهيوني، سواء سياسياً أو عسكرياً أو إعلامياً.

 

فلسطين في قلب الحراك

جدّد البيان التأكيد على ثبات الموقف الإيماني في مساندة الشعب الفلسطيني، مع إبراز الجهوزية الشعبية لمواصلة الدعم في ظل استمرار الصراع مع العدو،  ويأتي هذا التأكيد في وقت تتصاعد فيه المأساة الإنسانية في غزة، ويلاحظ أن فلسطين لم تُطرح كقضية سياسية فقط، بل كقضية دينية وأخلاقية، ما يعزز حضورها في الوجدان الشعبي ويمنح الحراك زخماً إضافياً.

 

 انتقاد صفقة الغاز المصرية مع العدو الإسرائيلي

توقف البيان عند إدانة صفقة الغاز بين مصر والكيان الصهيوني، واصفاً إياها بأنها الأكبر والأكثر إساءة في تاريخ العدو، ومعتبراً إياها مكافأة على الجرائم المرتكبة في غزة، ودعا البيان إلى إلغاء الصفقة، محذّراً من انعكاساتها على صورة مصر وتاريخ نضال شعبها.

ويعكس هذا الموقف بعداً إقليمياً في خطاب المسيرات، حيث لم يقتصر النقد على الاحتلال، بل شمل سياسات مصر التي يُنظر إليها باعتبارها متناقضة مع الموقف الشعبي من القضية الفلسطينية.

 

 الدعوة إلى المقاطعة الاقتصادية

ضمن أدوات الضغط السلمية، دعا البيان الأمة الإسلامية إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، باعتبارها وسيلة لتجنّب المشاركة غير المباشرة في الإجرام،  وتُعد المقاطعة الاقتصادية من أبرز أشكال الاحتجاج المدني التي تحظى بقبول واسع في الخطاب الشعبي، لكونها متاحة للأفراد والجماعات في كل مكان في الوطن العربي والاسلامي .

 

ختاماً 

تعكس المسيرات المليونية، حالة من الغضب المتأجج نصرة لله وانتصاراً للقرآن الكريم وتجديد الموقف الملاييني اليمني تجاه القضية الفلسطينية، كما وجه البيان رسائل واضحة ومتعددة الاتجاهات، رسالة داخلية تؤكد الثبات والالتفاف الشعبي، ورسالة إقليمية تنتقد سياسات التطبيع وتعاون الأنظمة العربية مع الكيان، ورسالة دولية تحمل القوى الكبرى مسؤولية ما يجري، وفي المحصلة، تمثل هذه المسيرات تعبيراً عن غضب شعبي منظم، يعكس استمرار حضور القرآن الكريم وفلسطين  كقضيتين مركزيتين في الوجدان العام.

You might also like