Herelllllan
herelllllan2

عناق الإخوة الأعداء!!

أحمد يحيى الديلمي

في غفلة من الزمن وعلى حين غُرة شاهدنا الأمير الغر محمد بن سلمان يعانق شقيقه أمير دولة قطر والأعين متجهة صوب كوشنير مستشار الرئيس “ترامب” والحاكم الفعلي للاثنين ، إنها قمة المهزلة أن تتحول الاجتماعات العربية إلى هذا المستوى من الحقارة وعدم الاهتمام بالذات!! كلهم يلهثون وراء رضا أمريكا والصهاينة وكأنهم أصبحوا كل شيء في حياتهم ، المال يدفعونه إليهم كجزية والإرادات تخضع لمشيئتهم وكل شيء يسير في فلكهم ، وعلى أبواب البيت الأبيض تنحني الرقاب وتصل إلى مرحلة العبودية .

هذه إشكالية رُبما لا يفهما إلا البعض ممن عرفوا طبيعة العلاقة القائمة بين دول الخليج وهذه الدول المتغطرسة ، الكل على شفى حفرة من الإفلاس الأخلاقي ، اليوم وبعد أربعة عقود من الزمن يصل الحال بمجلس التعاون الخليجي الذي كان نتوءاً زائداً وكياناً مشبوهاً تم إنشاؤه بهدف تفريغ الجامعة العربية من دورها والاستيلاء عليها وقد حدث ما خططت له أمريكا بعد أن تحولت الجامعة العربية إلى مجرد كيان هُلامي محكوم بإرادة مشائخ الخليج ، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا حتى أن البعض أصبح يطلق عليها الجامعة العبرية ، وهو وصف دقيق جداً جداً إذا ما قورن بأعمالها وقراراتها المتخاذلة التي أصبحت تنهش في الجسد العربي أكثر من الصهاينة .

المهم دعونا نتحدث عما يُسمى بمجلس التعاون الخليجي ، هذا المجلس الذي فقد كل مقومات بقائه وأصبح مجرد شاهد زور يخدم دولة الكيان الصهيوني أكثر مما يخدم دول الخليج ، لذلك لم تجد وسائل الإعلام أي خبر مهم في اجتماعات الدورة لـ (41) سوى عناق محمد بن سلمان وتميم ، وتحول هو الحدث والإنجاز وكل شيء يتعلق بهذا الكيان

لقد بلغ الإفلاس بهذه الدول لا أقول الإفلاس المادي فهي متخمة بالمال وتنفقه في الرذائل والموبقات وقتل الأبرياء من أبناء سوريا والعراق واليمن وفلسطين ، وهذا هو الإنجاز الوحيد الذي حققه هذا المجلس منذ نشأته ، واليوم أصبح مجرد العناق هدفاً بحد ذاته ، وكأنهم لا يعلمون من صنع الشرخ في الجسد الخليجي ومن الذي أمر بإحداث الفجوة وتوتير العلاقة بين الرياض والدوحة

وبعد أن وصلت أمريكا إلى مرحلة التشبع من المال وجني المكاسب الكبيرة من هاتين الدولتين ، أمرت بإعادة المياه إلى مجاريها وكان توجيه “كوشنير” واضحاً أن تظل الإمارات والبحرين بعيدتين عن هذا الحدث وعن المصالحة التي حدثت حتى يبقى المسمار قائماً والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات ، تصوروا أمير البحرين الذي تعود أن يحضر حتى ختان ابنة أحد الأمراء في السعودية

بالأمس يقاطع قمة العُلا السعودية وربما كان لاختيار المكان فلسفة خاصة لقربه من المدينة المنورة وكأن الهدف تبشير الصهاينة بقرب وصولهم إلى المكان بعد أن بذلوا كل شيء من أجل هذه الغاية ، وقد يصلون في ظل التراخي العربي والإسلامي والشعارات الزائفة التي يرددها البعض باسم العروبة والإسلام وهو أبعد ما يكون عنهما

أي أن العصر الصهيوني بدأ يتكامل بإرادة عربية ومال عربي أيضاً ، الكل يتهافت لخدمة الدولة الصهيونية والفلسطينيون لهم الله القادر على حمايتهم ، فالعراق تحول إلى ساحة للصراع بين أمريكا وإيران ، وسوريا تواجه عشرات الجبهات من المرتزقة وأصحاب الأفكار الشاذة الذين تم جلبهم إلى هذا البلد العريق ، وحركة المقاومة في لبنان تتأرجح بين الصمود والاستسلام

والمقاومون في اليمن يواجهون أكثر من (50)جبهة من العملاء والخونة والمرتزقة ومرتزقة الحرب من الأجانب ، وهكذا يسعون إلى تنسيم محور المقاومة لكن هيهات أنى لهم ذلك في وجود قادة أمنوا بالله وبالقضية وبالعروبة وعلى استعداد لبذل الغالي والرخيص من أجل هذه الغايات ، ومهما حاول شُذاذ الأفاق في الخليج النيل من هذه الكيانات خدمة لأمريكا والصهاينة فإنهم لن يصلوا إلى غايتهم .

ها هو اليمن وحيداً يدافع ويتصدى لهذه الغطرسة الصهيونية الموجهة عبر قيادات خليجية تتزعمها السعودية الموسومة بأنها حامية الحرمين الشريفين ، كما قلنا العُلا لا تبعد عن المدينة سوى بضع كيلومترات ، أي أنها أصبحت تمهد لدخول الصهاينة إلى هذه الأرض المقدسة

وسيدخلون كما قلنا لأنه لم يعد هناك المتوكل على الله إسماعيل الذي أعدم أولئك اليهود عندما حاولوا حفر خندق إلى قبر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، فقام بحفر مسافة تقدر بـ(15)متراً من كل الاتجاهات وصبها بمادة الرصاص وهو مبلغ باهض وكبير إذا قورن بأثمان المعادن في تلك الفترة ، فاليوم من سيقوم بتلك الخطوة؟! صحيح أن آل سعود يمتلكون المال لكن عقولهم خاوية تعتقد أنها بدون أمريكا لا تساوي شيئاً ، فهذا هو مربط الفرس كل شيء يدور في فلك أمريكا والصهاينة بما في ذلك القمة الخليجية .

بعد هذا الكلام عن أي عناق يتحدثون؟! وما هي النتائج التي ستترتب على هذا العناق؟! الذي لا شك أنه يشبه عناق الإخوة الأعداء ، لأن الفتيل لا يزال مشتعلاً والبحرين والإمارات ومصر كل منهم يتربص بالآخر ويتحين الفرصة للانقلاب وإعادة الأمور إلى أكثر سوءاً مما كانت عليه لتصبح أمريكا هي السيد والفاعل والحاكم

وكوشنير هو ولي الأمر المتوج كما حدث في هذه القمة ، فكل أنظار الأمراء الذين حضروا أو من يمثلهم كانت متجهة إلى المندوب الأمريكي وتحاول كسب وده ، وكأنهم لا شأن لهم بذواتهم أو بالقضايا التي حضروا لبحثها ، كل واحد جاء من أجل أمريكا ولخدمة أمريكا وكسب ود أمريكا وهذه هي الكارثة الكبرى التي تُنبئ بأن هذا المجلس قد انتهى

وأنه تحول إلى مجرد نقطة سوء سوداء في إطار ما يُسمى بجغرافيا منطقة الخليج ، الأمر يحتاج إلى أكثر من رؤية وأكثر من نقاش ، ويحتاج أكثر إلى من يردع هذه الدول وينبهها إلى المزالق التي تسير إليها وتحاول أن تسحب معها الأمة بكاملها بعد أن استحوذت على الجامعة العربية وحولتها إلى العبرية بقدرة ترامب ومن سبقه من الرؤساء الأمريكان.

الحقيقة أننا في اليمن سنظل نراهن على الخالق سبحانه وتعالى ثم على قدراتنا الذاتية فهي الوحيدة التي تُمثل أساس الدعم والصمود والتحدي وتكسبنا قدرة خاصة على دحر الأعداء كلما حاولوا الاقتراب من الأرض اليمنية ، نقول الأرض اليمنية مجازاً حتى لا ننسى تلك الأراضي العظيمة المغتصبة في نجران وعسير وجيزان ، فكلها أرض يمنية ستعود إلى حضن الوطن في القريب العاجل بفعل صمود الأبطال والمناضلين أصحاب الإرادة الفولاذية من بذلوا حياتهم رخيصة من أجل الوطن وفي سبيل الوطن.. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com