في ظل تواطؤ المرتزقة.. الأوبئة تجتاح المحافظات المحتلة وتحصد أرواح الأبرياء بصمت
يمانيون../
تواجه المحافظات اليمنية الخاضعة للاحتلال وضعًا صحيًا كارثيًا، وسط تفشي متسارع للأوبئة والأمراض القاتلة، في مشهد يعكس حجم الفشل المريع لحكومة المرتزقة، ويكشف زيف الشعارات التي يرفعها التحالف وأدواته عن “التحرير” و”الشرعية”. وفي مقدمة المدن المنكوبة تأتي عدن، التي تُرك سكانها ليواجهوا الموت يوميًا، لا بسبب الحرب فقط، بل بفعل الإهمال والتآمر وتفكك البنية الصحية تمامًا.
مصادر طبية ومحلية متطابقة حذرت من اتساع رقعة انتشار وباء الكوليرا والحميات الفيروسية في مدينة عدن، مؤكدة أن المنظومة الصحية هناك عاجزة عن استيعاب الحالات المتزايدة، في ظل غياب كامل لأي تدخل أو استراتيجية طوارئ من قبل ما يسمى بـ “حكومة الفنادق”. هذه الأخيرة تكتفي بإصدار البيانات من عواصم الإقامة، دون أن تبذل أدنى جهد لإنقاذ أرواح المدنيين الذين يُقتلون اليوم صمتًا، بعد أن كانوا ضحايا القصف والحصار والتجويع.
الأخطر من ذلك أن مستشفيات المدينة، وعلى رأسها مستشفى الصداقة، أصبحت تكتظ بعشرات المصابين يوميًا، سواء بالحميات أو بالكوليرا، وسط تقارير تفيد بوجود وباء غامض يُعرف بأعراضه المتمثلة في ارتفاع حاد للحرارة ونزيف أنفي، وتنتهي رحلة المريض بوفاة مؤكدة خلال ثلاثة أيام في ظل انعدام العناية اللازمة، حيث تسجل المستشفيات ما لا يقل عن خمس وفيات يوميًا، في ما يشبه الإبادة البطيئة.
وما يزيد من فداحة الوضع أن هذا الانتشار الكارثي للأوبئة لا يقتصر على عدن فحسب، بل يمتد إلى المحافظات المجاورة الخاضعة لسيطرة الاحتلال، كأبين ولحج والضالع، والتي باتت ترسل الحالات المصابة إلى مدينة عدن، ما فاقم الوضع وأربك طواقم المستشفيات التي تفتقر للكوادر والمعدات والدواء.
يتساءل مراقبون: هل نحن أمام حكومة عاجزة أم شريكة في ما يحدث؟ فاستمرار تفشي الأوبئة دون أي خطة طوارئ، وغياب أبسط الإجراءات الوقائية، والسكوت الفاضح من أدوات الاحتلال، كلها مؤشرات على أن هذه المنظومة القائمة في المحافظات المحتلة لا تمثل الشعب، ولا تعبأ بصحة المواطنين ولا بحياتهم، بل تخدم فقط مشاريع التحالف وأجندته.
ويرى محللون أن هذه الكارثة الصحية جزء من سياسة ممنهجة لإضعاف المجتمع في تلك المناطق، وفرض واقع خانع يقبل بالوصاية والاحتلال، من خلال حرمان الناس من الماء النظيف، والخدمات الصحية، والتعليم، وكل مقومات الحياة، مقابل وعود كاذبة تتكرر منذ عشر سنوات ولم يتحقق منها شيء سوى الدمار والموت والفساد.
رغم هذا الوضع القاتم، إلا أن الأصوات الشعبية تتعالى يومًا بعد يوم، مطالبة برحيل الاحتلال وأدواته، وبالعودة إلى كنف الدولة اليمنية التي أثبتت ـ رغم العدوان والحصار ـ أنها أقدر على إدارة الملفات الوطنية، بما فيها الملف الصحي، بشفافية وفعالية وعدالة.
إن ما يجري في المحافظات المحتلة ليس مجرد كارثة صحية عابرة، بل عنوان لفشل شامل وتجربة حكم مختطفة بأيدٍ مرتزقة وفصائل لا تعبأ بحياة الناس.